الأحد، 10 مايو 2009

رحلة البحث عن الأمن الوقائي

الأمن الوقائي هو فرع من فروع منظومة المحافظة علي الأرواح و الثروات الوطنية فلا يمكن أن نبعث بأقمار صناعية للفضاء و نتبني خطة طموحة لمحو الأمية الكمبيوترية و في المقابل لا نتخذ من الإجرائات الأمنية و التكنولوجية ما يمنع الجرائم و السرقات بل أيضا و الحرائق.
وفي هذا الشأن يحضرني تساؤل حول ما هي العلاقة بين سرقة الأثار المصرية و سرقة لةحات فنية بالغة القيمة بنشوب حرائق في أماكن تعد ثروة قومية؟العلاقة المنطقية الوحيدة هي غياب المفهوم الوقائي الذي يظلله خطط أمنية محكمة وأليات متطورة قد تستطيع منع الكوارث أو علي الأقل الحد من أضرارها.
و يبدو أننا في مصر نعتبر الوقاية أسوء من العلاج مع الوضع في الإعتبار أنه ليس هناك في الأصل علاج..كثير منا يعتبر أن الوقاية نوع من التنبأ و قليل من التنجيم و بعض من الشعوذة و هذه الخلطة لا تصلح لمطابخنا الأمنية المصرية.. بينما علي الجانب الأخر تصلح فلسفة النوم في العسل إلي أن ينفذ لأنها سياسة حلوة المذاق طيبة الثمار تبتعد بصاحبها عن تحمل المسؤلية.
لعل حريق وسط القاهرة الذي نشب في البناية رقم 59 بشارع رمسيس الأسبوع الماضي أبلغ دليل علي النوم في العسل بسكينة بالغة..فقد بدأ الحريق في الساعة الثالثة عصرا وكان سببه حسب تقرير المعمل الجنائي كابلات الكهرباء التي يستخدمها العمال المسؤلين عن تطوير عقارات وسط القاهرة وهو مشروع تحت مسمى النهوض بمنطقة القاهرة الخديوية فبئسا للحاقدين مرحا لنا بعملية التجديد التي زينت العمارة 59. المدهش في الأمر أن قوات المدني أطلقت مركبة واحدة للسيطرة علي النيران وكانت النتيجة وصول الحريق لستة شقق في ثلاثة أدوار متتالية. بالأضافة إلي إصابة رجال الإطفاء وثمانية مدنيين.
سلسلة الحرائق التي هزت السارع المصري بدأت بحريق مجلس الشورى في أغسطس من العام الماضي ثم المسرح القومي في سبتمبر من العام الماضي و من قبلهما حريق دار القضاء العالي و العامل المشترك بين كل هذة الحرائق هو تقيد القضايا ضد مجهول دون إلقاء اللوم علي أجهزة الأمن الوقائي أو الأجهزة الأمنية المسؤلة عن التأمين ضد الحريق و السرقة.
ومادمنا تحدثنا عن السرقة نتذكر بأسي سرقة لوحات أثرية لا تقد بثمن الاسبوع الماضي من قصر محمد علي بمنطقة كورنيش النيل بشبرا الخيمة وقد إتهمت النيابة العاملين في القصر بسرقة اللوحات.
هناك عدد من كاميرات المراقبة لكن بالطبع بالطبع يلزمها موظفون يتابعون ماتنقلة الكاميرات وهو متعذر في حالة قصر محمد علي لأن الموظفين تشغلهم أشياء أهم كما يلزم تخصيص مكان أمن لتخزين الشرائط المصورة وهذا أيضا متعذر.
كل ما يعرفه العاملون في القصر هو تبادل الصحف اليومية و قراءتها بالإضافة لإستخدام كم من أعواد البخور ولهذه الأعواد فوائد فهي تنقي أرجاء القصر و تطرد الأرواح الشريرة إذا ما هو الداعي لإستخدام كاميرات للمراقبة.
المدهش في الأمر أن القصر غير مزود بأليات كاملة للتصدي للحريق ولا يوجد نظام فعال لتنقية الهواء داخل القصر حتي لا تصاب اللوحات بالأتربة و الرطوبة.. فلماذا نندهش عندما نسمع أن أبواب و نوافذ القصر لم تهشم وأن اللصوص قد قاموا بسرقة اللوحات و أجهزة تأمين القصر سواء من البشر أو الأليات المسؤلة عن التأمين ينام في العسل.
بدون مفهوم جديد اللأمن الوقائي و إستخدام أليات تأمينية وكوادر بشرية تدرك قيمة التراث المصري سوف تعاد تجربة السرقة في أكثر من مكان ووقتها يمكننا صرف النظر عن الأمن الوقائي لأن في هذا الوقت لن يكون بحوذتنا ما نخاف علي ضياعه.

مجلة حريتي
ملحق ميني حريتي
22 مارس 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق